كتب / خالد لحمدي
أقف مستذكراً زمناً فائتاً ، مذ كُنّا تلامذتك في الإبتدائي وحين جئنا إلى الثانوي ، ووقف جيل يستمع لكلماتك ، في الطابور الصباحي وفي الأنشطة والفعاليات الفنّية والثقافية التي كنت توقدها بفهم وذكاء .
كنت الزمن الذي افتقدناه ولم نستطع الإمساك به ، وقد ظلّت الأرواح مفرغة ، ولم يبقَ شيء سوى الخيبة والألم .
الجدول الدوري موشّى بالكآبة ، والمعادلات الكيميائية تبحث عمّن يرشدها نحو الوجهة الصائبة.
مقامات الدان ناحبةً وعُرب السلّم الموسيقي يكتنفها الخرس المميت .
علّمنا كيف نقف بدونك ، كيف ندوزن إيقاعنا المؤبوء بالحزن والارتباك .
ثمّة جيل أنتَ مُعلّمه ، لا زال يناشدك باستعطاف وترجٍّ :
- نحتاجك ولا نستطيع الخطو بَعدك .
على صهوة الوجع تسافر الأرواح نحوك وقد أوصدت شرفة التأمل ولم تعد تُفتح من جديد .
لم نعد ندري أنبكيك أم نبكِ اللحظة وانزياحات العمر المُمل .
الأستاذ ناصر بن سالم بن نقيب .
عام من الفقد و الغياب ، ظلَّ طيفك يوقظ غفواتي ووجه هامساً بتندّر ولطف :
كيف أنتم أيها الباقون هنا .؟
فأؤكد جازماً ، لقد تشظّت الأرواح وأنفض الجمع ولم يبقَ سوى اليباب .
كنت أولكسترا المعنى التي جمعت زملاء وتلاميذ الفن والإبداع والأدب مساء كل جمعة في بيتك العامر بالبهجة والبهاء .
كُنّا التلاميذ وكنت المايسترو الذي يؤشّر بيده كي نستمر ومتى نلوذ بالصمت والسكون .
كنت بهجة زمن مضى وذاكرة بلد لا تزال تغزل أصوات دهشتها ولم تجد صاغياً لما تهذي وتقول .
القطن مطمورة بالخواء ، وتسير بقدمين حافيتين ولم تدرك الحق واليقين .
مُتعبٌ وساعاتي كابية ، أشباح تمسك الوقت والفضاءات الشاسعة .
كيف نعيد تكوين أرواحنا ، وقد تعثّرت خطواتنا ولم نستطع الخطو والكلام .
قد تلكأ الأحرف الجرح ، في حين أرهقنا الدمع والبكاء .
أنا الباحث عنك وذاتي المتناثرة مثل نورس فقد أجنحته ولم يكمل رحلة الارتقاء .
رحمات تظلّل روحك الطاهرة ، وأسكنك الله فسيح جناته إنّه غفور رحيم .
....
خالد لحمدي
إرسال تعليق